السلام عليكم رواد منتدانا
تعتبر العائلة وفق ما يراه المختصون في علم الاجتماع وغيرهم كيانا ذا صفة مستقلة ويعتقد مهتمون آخرون أن صفة الاستقلال تدفع هذا الكيان الى صنع حياته الخاصة بين الكيانات الاسرية الأخرى، ولعلنا نجد تقاربا بين هذه العائلة او تلك إلا ان الملاحظ غالبا هو وجود اختلاف في نمط العيش والسلوك لاسيما داخل كيان العائلة الواحدة .
ولعلنا لا ناتي بجديد اذا قلنا ان الرجل والمراة يشكلان بزواجهما من بعض أساسا للكيان العائلي، فنواة العائلة هما الزوج والزوجة ثم تأتي مرحلة الانجاب فيتوسع هذا الكيان رويدا، غير ان المسألة الهامة في هذا الامر هو طبائع وسلوك المنتمين الجدد للكيان العائلي من بنات وبنين، حيث يكون مصدرها الاول طبائع وسلوك المحيط الاصغر (العائلة)، من هنا تبرز اهمية تنظيم الحياة العائلية على اسس صحيحة لكي تنتقل الى الصغار الجدد فتشكل لهم ركائز حياة قادمة سيلجؤون لها مستقبلا لصنع كيانات عائلية مستقلة ايضا.
ومن بين خطوات التنظيم التي يستحسن انتهاجها من لدن الزوجين هي مسالة الحضور المتزامن للزوجين في بيتهما الاسري، حيث يرى بعض المختصين والمتابعين (أن تنظيم الحضور المتبادل للزوجين يعد من ابرز المسائل وأكثرها حساسية، حيث ينبغي الاتفاق عليها بعد أن اختار الطرفان ان يعيشا سوية في بيت واحد وتحت سقف مشترك، ولذا فإن على الرجل ان ينظم وقته بحيث يكون له حضور في المنزل إلى جانب زوجته واولاده بمعدل يقترب من نصف ساعات اليوم، ذلك ان المرأة ترغب في تواجد زوجها مثلما يرغب الرجل في حضور زوجته وتواجدها داخل البيت.
ومن الخطأ أن يبعثر الزوجان وقتهما خارج المنزل هنا وهناك دون ان يفكرا بمسؤولياتهما تجاه الاسرة، وخلاصة المسألة، ينبغي على الزوجين تنظيم وقتيهما دون حساسية أو انزعاج من سؤال أو استفسار وفي المقابل أذا ما حدث وخرق أحد الطرفين عادته في عودته فلا ينبغي ان يكون هذا مثار للجدال أو النزاع).
الخطوة التنظيمية الاخرى تتعلق بالمعاشرة بين الطرفين، نعم نحن نتفق على ان هذا الامر يتعلق بالمشاعر والعاطفة وماشابه، غير ان المسألة بحاجة الى تنظيم ايضا ليس بمعنى تقنين المشاعر، فهذا امر قد يبدو مستحيلا، (فالمرأة والرجل احرار في التعبير عن آرائهما في الحياة المشتركة وأسسها وما يتعلق بها غير اننا نجد _ ومع الاسف _ ممارسات قمعية لدى احدهما تقذف الرعب في قلب الاخر وتمنعه من إبداء رأيه في شؤون الاسرة وهذا هو الجانب الذي يخضع للتنظيم، وقد نجد لدى آحد الطرفين رغبة في الحديث عن شأن ما تمنع من ظهورها الخشية من حدوث النزاع، أو يود أحدهما لو أبدى رأيه في مسألة من المسائل ولكنه يخاف ان يكون عرضه للسخرية فيجنح الى الصمت المطبق، محتفظاً بآرائه لنفسه يعالج همه في أعماقه من دون ان يفصح عن اسرار ألمه إلى احد).
وهنالك ايضا الجانب الاجرائي فيما يتعلق بالتعامل مع الاطفال، فقد نرى (التقيد في بعض الاحيان في إجراء يتخذه الاب _ مثلاً _ لتأديب أبنه عندما يرتكب خطأ يستحق العقوبة، وفي اللحظة بالذات تظهر الام كحاجز يوقف تنفيذ الإجراءات التي يريد ان ينفذها الأب بحق ابنه او ابنته، مما يؤدي إلى النزاع والمواجهة بين الزوجين.
وقد يتخذ بعض الآباء إجراءات غاية في القسوة ربما تعرض الابناء إلى مخاطر كبرى، وفي هذه الحالة على الام ان تتدخل لمنع اجراء كهذا .
أن التدخل من قبل احد الطرفين في شؤون وإعمال الطرف الآخر خطأ كبير يقود إلى النزاع، وعوضاً عن هذا الاسلوب الصدامي ينبغي على الزوجين ان يفكرا بوسيلة مناسبة في تقديم النصح اللازم تحفظ للطرفين جميع الحقوق والاعتبارات).
وثمة اجراء تنظيمي عائلي يتعلق بالجانب الاقتصادي، حيث قد يقتضي هذا الجانب في حياة الاسرة ان (يبسط الرجل يده في الإنفاق وأن تقبض المرأة يدها في الاستهلاك، أن الكرم والسخاء في حياة الرجل صفة طيبة ومحمودة، ولذا فعليه أن يوسع في الإنفاق على عياله واسرته، وأن لا يقصر في ذلك ما أمكنه، وعلى المرأة ان تدير شؤون منزلها حسب الإمكانات المتوفرة وان لا تتخطى الحد المعقول في ذلك.
أن البخل في حياة الرجل خصلة مذمومة كما الاتلاف في حياة المرأة، أننا _ ومع الاسف _ نجد بعض الرجال الذين وهبهم الله من نعمه ولكنهم يبخلون على أهليهم وانفسهم ويكدسون الاموال فوق بعضها تحسباً لفقر محتمل ، في حين يعيش أهلهم وابناؤهم في فقر مدقع صنعوه بأنفسهم!).
وأخيرا نعتقد بأن المسؤولية الكبرى تقع على الاب والام اولاً وأخيرا، فهما العضوان المؤسسان للكيان العائلي وبهما تبدأ النواة والخلية الاجتماعية الاصغر ثم تبدأ بالتنامي لتسهم في تشكيل المجتمع الاكبر (الشعب او الامة) ولذلك كلما كان الكيان الاسري ناجحا كلما كان المجتمع قابلا للتطور والازدها وهنا يقع حجر الزاوية في اهمية تنظيم الحياة العائلية، وهذا ما يقودنا الى الركيزة الدينية والاخلاقية التي يرتكز عليها الكيان العائلي في بداية مشواره، فإذا التزم الزوجان بالمبادئ الاسلامية التي تنظم الحياة الزوجية ودعما هذا الالتزام بالجانب التطبيقي فإن اعضاء العائلة الجدد (الابناء والبنات) سوف يأخذون هذه المبادئ خطوط عمل تنظم حياتهم الحاضرة والمستقبلية.
لذلك نعتقد ان على الاب والام ان يغذيا أطفالهما بالمبادئ الاسلامية التي تنظم حياة الاسرة وتضعها على الجادة الصواب مما يقود الى خلق مجتمع اسلامي متطور ومزدهر ومستقر ومعاصر في آن واحد.